محمد الحنفي بن العباس

ثلاثاء, 08/25/2015 - 13:12

بسم الله الرحمن الرحيم

اللهم صل على سيدنا محمد الفاتح لما أغلق والخاتم لما سبق ناصر الحق بالحق والهادي إلى صراطك المستقيم وعلى آله حق قدره ومقداره العظيم

أما بعد فهذه نبذة يسيرة من ترجمة سيدي محمد الحنفي بن العباس قد لا تكفي في التعريف مقامه ولا بمرتبته ولكنها تقدم للمتلقي صورا بسيطة من حياته ومواقفه وتعدد جملة من مناقبه وكراماته كما رواها العدول الثقات فأقول وبالله أستعين:   

هو رضي الله عنه  الولي الكامل صاحب الكرامات الكثيرة و الكشوفات والتصرفات وخوارق العادات  سيدي محمد الحنفي بن العباس العلوي أخذ الطريقة التجانية ذات الأسرار العرفانية والمواهب الامتنانية عن الشيخ محمد الحافظ بن المختار لحبيب العلوي حين قدم من المغرب وتتلمذ عليه وألقى إليه قياده بصدق وعزم وإخلاص ولازم خدمته حتى وصل إلى ربه فقدمه لإعطاء الطريقة وتلقين أورادها .ومن أصدق الأدلة و أصرحها على مكانته من الصدق في محبة شيخه وتفانيه فيه ما يحكيه الثقات أن رجلا سأل سيدي الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه فقال له هل أنت مربي؟ فقال له لا . فقالت له زوجته فاطمة بنت سيدينا مالك كتمت عن خالي أنك مربي ؟ والرجل السائل من أخوالها فقال لها الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه :محمد الحنفي هذا إذا حلفت له كل يمين أني بريء من هذا الأمر لا يصدقني .ويحكى أن أخاه محم بن العباس رحمه الله تعالى تغرب لطلب العلم في شنقيط ومكث أعواما في طلبه، فلما قدم وجده يعرف جميع النصوص التي قرأها هو في غربته فسأله وقال له أنت لم يتقدم لك أي طلب للعلم ومع ذلك تعلم جميع ما أعلمه أنا فما السر في هذا؟ فقال سأصدقك عما سألتني عنه فأنا أجلس خلف ظهر الشيخ محمد الحافظ رضي الله تعالى عنه وكل ما تكلم في شيء ولو من أمور الدنيا أخرج أنا منه ما حوته المذاهب الأربعة ، فهذا حالي مع شيخي هذا.وكان ذات مرة جالسا خلف ظهره فأتته مريدة له بهدية فجعل يزحف ويشير إليها أن ترجع عنه استحياء وأدبا مع الشيخ محمد الحافظ أن يهدى له بحضرته ،فالتفت إليه الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه  وقال خذها ولا يصل لأحد شيء مني إلا بواسطتك .وهذا ما نظمه حفيده العلامة المحدث أحمدُّ بن دهاه في نظمه لروض الشمائل فقال:

ومنهم محمدٌ الحـنفي                  من فضله وسره غير خفي

أهدى له بحضرة الشيخ الأغر          حافظ قطرنا الإمام المشتهر

فأضجرته هذه الهدية                   إذ كان لا يحسبها مزية

قال له خذها فليس يصل                مني هدى إلى وأنت الموصل

وأمه كانت من المقدمات                في ورد شيخنا التجاني الواصلات

وأم سيدي محمد الحنفي اسمها عائشة بنت أحمدُ بن عمر ، لقنها الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنه الورد وقدمها لإعطائه لمن طلبه ، وكانت من الصالحات القانتات.

وقد اشتهر محمد الحنفي عند الناس بلقب "ولي الضالة" فلا يضل لأحد شيء ويستغيث به في رجوعه إلا وجده.وقد اشتهر هذا عنه وتواتر عند العامة والخاصة حتى في البلاد النائية فقد قال أحمد  بن محم  وهو بن أخيه في ترجمته في روض الشمائل ما نصه:"سمعت الناس في البلاد البعيدة منا يستغيثون به وهم لا يعلمون أنه عمي بل لا يعلمون في ظني قبيلته وإنما يقولون يا محمد الحنفي بن العباس أغثنا لاشتهاره بإغاثة الملهوف" كما ذكر عنه أيضا أن سيدي محمدي بن سيدينا عاده يوما ليطمئن عليه بعد مرض أصابه فلما قرب من البيت رأى نورا خارجا من جوانب البيت فلما دخل على محمد الحنفي وجده في عافية وقد زال الخوف عليه من قلوب الناس لأجل ما وجد من العافية فلما رجع محمدي إلى بيته قال لزوجته انقطع طمعي من حياة محمد الحنفي فقالت له ولم؟وهو قد وجد العافية !فقال لها رأيت نورا خارجا من البيت الذي هو فيه فعلمت به انتقاله من هذه الدار فكان الأمر كذلك.

وسمعت شيخنا اباه أطال الله بقائه يقول:أن محمد الحنفي هو أكثر التجانيين كرامات فلم يشتهر عن أحد منهم ما اشتهر عنه من خوارق العادات الكثيرة ، وقال شيخ الإسلام الشيخ ابراهيم أنياص رضي الله عنه في رحلته الأولى إلى موريتانيا يصف زيارته لمقبرة "لميلحة"التي دفن فيها محمد الحنفي رضي الله عنه :

ثمة  للحنف ذي التصرف      سرت له يقودني الشيخ الصفي

فوصفه بالتصرف ، وتوفي رضي الله عنه سنة 1262هـ في يوم عاشوراء ، ورثاه أخوه وقرينه الشيخ محمدي بن سيدينا "بدي"رضي الله عنه في أبيات يقرأها الناس عند قبره ، وبعدها يسألون حوائجهم من الله تعالى والأبيات هذه هي:

يارب إن لسان الحال ينشد من       محمد الحنفي فاجعله مسرورا

إني لعيدين يا مولاي لي اجتمعا      عيد اللقا وعيد الشهر عاشورا

أرجو وآمل من ربي بجاهمهما        نيل المرام وكون الذنب مغفورا

إلخ الأبيات.

وذكره العلامة القاضي باب بن أحمد بيبَ العلوي في منظومته التي يعد فيها تلامذة الشيخ محمد الحافظ رضي الله عنهم عند المدفونين في هذه المقبرة فقال :

يارحمة المهيمن الــــــــــــــغفار        سيري إلى مليحة الأنوار

سيري إلى محمدي ما أدريك ما         محمدي إنه إمام العلما

سيري إلى فاطمة الزهــــــــراء         والحنفي الشيخ ذي البهاء

......إلخ

وخليفته وحفيده الشيخ محمد المختار بن دهاه رضي الله عنه وأرضاه هو وارث علومه وأسراره وكشوفه وكراماته ، ورثه أتم وراثة واشتهر بين العامة والخاصة بالكشف الشهودي العياني وقصدوه من كل حدب وصوب للاستشفاء بريقه  ودعواته من الأدواء التي أعضلت حذاق الأطباء فيشفيهم الله تعالى ببركته وتوجه همته الصادقة وفراسته النورانية ،فهو رضي الله عنه يرقيهم ويعطيهم العطايا السنيات أبقى الله بركته  وسره  ساريا في خليفته وبنيه وأنجاله آمين.