من نحن

ثلاثاء, 07/28/2015 - 11:33

لمحة تاريخية عن نشأة قرية "انفني"

تقع قرية انفني في أقصى الشمال الشرقي من بلدية علب آدرس التابعة لمقاطعة بتلميت بولاية اترارزة في موريتانيا وتبعد حوالي 40 كلم من بلدية علب آدرس و 70 كلم من مركز المقاطعة (بتلميت).

تعرف المنطقة التي توجد فيها قرية انفني تاريخيا بــ"آمشتيل" كما ذكر ذلك مؤلف كتاب الوسيط في تراجم أدباء شنقيط سيد أحمد بن الأمين الشنقيطي.

وكانت "انفني" تاريخيا محط رحال العلماء والأولياء والصالحين من قبيلة "تندغة" ؛ "حلة الأربعين جوادا" سكنها منهم العدد الكثير، ودفن بها أحد أبرز علماء وأولياء عصره من هذه القبيلة وهو أتفغ بن عفان، والذي تؤكد الأحداث التاريخية أنه كان أول دفين بالمقبرة المشهورة في انفني، ولقصة دفنه هناك حكاية معروفة.

وكان أتفغ بن عفان من أقطاب الطريقة الصوفية الشاذلية أخذها عدد من العلماء المعاصرين له من أبرزهم أتفغ الحمد؛ كما يتصل به سند العلامة محمذن فال بن متالي.

وبعد عودة الشيخ محمد الحافظ بن المختار لحبيب العلوي من رحلة الحج التي أخذ خلالها الطريقة التجانية على يد مؤسسها وإمامها الشيخ سيدي أحمد التجاني ونظرا لصلة النسب والصهر بينه وشيخه في العلم سيدي عبد الله بن أتفغ سيد أحمد العلوي الذي كان يسكن في قبيلة تندغة؛ خصص الشيخ محمد الحافظ جزء من وقته للسكن مع أهل تلك الأرض فكان يتنقل معهم في الحيز الجغرافي المحيط بـ"انفني" والذي يملكون جله إن لم نقل كله كما دون ذلك العلامة محمدي بن سيدينا الملقب "بدي"  في كثير من شعره الذي يذكر فيه شيخه الشيخ محمد الحافظ ويتغني بأيام أنسه به في تلك البقاع الطاهرة، ومن ذلك قوله:

أبى لي طيف لا يزال ملازمي .... تناسي آرام بــ"جرعاء جاثم"

و"جرعاء جاثم" تعريب لاسم بئر يسمى باللهجة الحسانية "ما ايكَوم" ويبعد حوالي عشرين كلومترا من قرية انفني الحالية.

وبعد وفاة سيدي عبد الله بن أتفغ سيد أحمد الملقب "سيدينا" دفن في مقبرة انفني بالقرب من ضريح الولي الصالح السالف الذكر "أتفغ بن عفان".

وفي سنة 1247 ه توفي الشيخ محمد الحافظ بن المختار لحبيب رضي الله عنه ودفنه خليفته وصهره محمدي بن سيدينا في نفس المقبرة بالقرب من والده سيدي عبد الله؛ الذي هو أيضا شيخ الشيخ محمد الحافظ، وصهره.

وبعد دفن الشيخ محمد الحافظ في المقبرة ونظرا لكثرة أتباعه من آخذي الطريقة التجانية ظلت الطريق إلى المقبرة سالكة يأوي إليها الزوار من كل مكان رجالا وركبانا، ويقضون عندها الليالي ذوات العدد والأيام، إلا أن عوامل التعرية والهجمة الشرسة للتصحر والزحف الرملي كادت أن تطمس معالم تلك الطريق بعد أن فرضت سكان المنطقة الأصليين على الارتحال بحثا عن مواطن أكثر قابلية للحياة والتقري.

 لم يحتفظ بالزيارة خلال العقود الأخيرة التي أعقبت أعوام الجفاف الناتج عن التصحر إلا قلة ممن خبروا الأرض وسلكوا دروبها وشعابها وجربوا نفع الزيارة وشاهدوا من كرامات الشيخ محمد الحافظ ما يجعلهم يعودون كل مرة لزيارته.

وكان ممن اشتهر بمدوامة زيارة الشيخ محمد الحافظ في الفترة المذكورة سيدنا ووالدنا محمد مختار بن دهاه رضي الله عنه الذي ورث عن آبائه وأجداده محبة هذا الشيخ والتعلق به.

ورغم بعد المسافة ووعورة الطريق ظل محمد مختار يشد الرحال كل سنة إلى الشيخ محمد الحافظ ضاربا وعورة الصحراء بهمته منشدا بلسان الحال والمقال:

سهل تجشمي البيداء معتسفا ... لو كنت من وصل من أهوى على أمل!

وفي عام 1999 م قرر الشيخ محمد مختار بن دهاه طي صفحة البعد الحسي من منازل حبيبه وشيخه الشيخ محمد الحافظ وحمل متاعه وعياله وضرب خيامه على مقربة من الضريح منشدا:

وألقت عصاها واستقر بها النوى ..... كما قر عينا بالإياب المسافر